هذه كلمات تنتفع بها الفتيات.. في المجالس والمدارس والكليات..
وينتفع بها الشباب.. في المدارس والجامعات.. أسأل الله أن يجعلها رسالة من القلب إلى القلب.. وأن يصفيها من درن الرياء والسمعة.. وأن ينفع بها .. ويجعلها سبب هداية لمن قرأها..
آمين .. آمين ..
أهل الجنة قوم سمت نفوسهم عن التعلق بمحبة الخلق إلى التعلق بمحبة الخالق..
يحبهم ربهم.. ويحبونه.. ربهم أحب إليهم من أهلهم وأموالهم وأنفسهم..
طالما تملقوا إليه في الأسحار.. وبكوا من خشيته في النهار..
اشتاقت عيونهم إلى رؤيته.. وتقطعت قلوبهم من عظم محبته..
اشتاقت نفوسهم لرؤية ربهم حتى استحقوا النظر إليه يوم القيامة فبشرهم الله بذلك وقال ﴿ وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة.. ﴾
فكن من هؤلاء.. واحذر أن تكون ممن تعلقت نفوسهم بالعشق المحرم..
فقد تحب ( أو تحبين ) أحداً لأنه قوام لليل.. صوام للنهار.. أو حافظ للقرآن.. أو داع إلى الله.. فهذه المحبة لله.. وصاحبها مأجور عليها.. والمتحابون في الله يوم القيامة يكونون على منابر من نور يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء..
وقد تحب شخصاً ( أو تحبينه ).. لجمال وجهه.. أو رقة كلامه.. أو تغنجه
ودلاله.. دون النظر إلى صلاحه وطاعته لله.. فهذه المحبة لغير الله.. ولا تزيدك من الله إلا بعداً.. وقد هدد الله أصحابها فقال : ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .. ﴾ وقال : ﴿ ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً.. ﴾
بل إن هؤلاء المتحابين الذين اجتمعوا على ما يغضب الله يعذبون يوم القيامة.. وينقلب حبهم إلى عداوة.. كما قال تعالى : ﴿ ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار.. ﴾
وإن من أكبر أسباب وقوع هذا العشق المحرم..
النظر إلى الأفلام الهابطة.. التي يختلط فيها الرجال بالنساء.. حتى يقع في قلب الناظر إليها أن الاختلاط أمر عادي.. فيبدأ في البحث عن معشوق أو معشوقة..
وأعظم من ذلك إذا كانت هذه الأفلام مما يقع فيها مشاهد الحب والغرام.. واللمسات والقبلات.. فإذا رآها الشباب والفتيات حركت فيهم الساكن.. وأظهرت الباطن.. ونزعت الحياء.. وقربت البلاء..
وكذلك من رأى صور الفجور.. ومشاهد المجون.. فلا بد أن تندفع نفسه إلى تقليدها في كل حين.. في السوق.. وعلى فراشه.. وفي مكتبه.. ولا يزال الشيطان يدعوه إليها.. لذلك لما أمر الله تعالى بحفظ الفروج عن الزنا.. أمر قبل ذلك بغض البصر فقال سبحانه ﴿ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم.. ﴾ وفي الحديث : } العين تزني وزناها النظر { (13) ..
ومن أسباب التعلق بهذا العشق..
الاستماع إلى الأغاني.. وقد قال ابن مسعود : " الغناء رقية الزنا ".. يعني طريقه ووسيلته..
عجباً.. هذا يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الإماء المملوكات. يوم كان الغناء بالدف والشعر الفصيح.. يقول رضي الله عنه : هو رقية الزنا.. فماذا يقول لو رأى زماننا وقد تنوعت الأصوات والألحان.. وأصبحت الأغاني تسمع في السيارة والطائرة والبر والبحر.. وكم في الأغاني من شرور.. فما يذكر فيها إلا الحب والغرام.. والعشق والهيام..
بالله عليك هل سمعت مغنياً غنّى في الحث على غضّ البصر ؟
أو كفالة الأيتام ؟
أو الصلاة في المسجد ؟
أو التوبة ؟
ما سمعنا عن شيء من ذلك.. بل كل إناء بما فيه ينضح.. امتلأ قلب هذا المغني بالشهوات.. وتعلق بالملذات.. فبدأ ينفق مما عنده.. ويلغ في قلوب الشباب والفتيات.. ويدعوهم إلى الولوغ فيما ولغ فيه.. وإذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً.. إحداهن بالتراب..
إن تعلق الشاب بشاب مثله.. وافتتان الفتاة بفتاة مثلها.. لهو الخطر الأكبر.. والخطب الأعظم..
ومن تساهل بالنظر الحرام.. أوقعه ذلك في أحد الخطرين.. إما عشق النساء.. أو عشق المردان.. ولا يزال الشيطان به حتى يقع في الفاحشة عياذاً بالله..
وقد ذمَّ الله هذه الفاحشة الشنيعة وجعلها قرينة الشرك والقتل فقال : ﴿ والذين لا يدعون مع الله إالهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون.. ﴾ ثم ذكر الله تعالى عذاب الزناة يوم القيامة فقال: ﴿ ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب.. ﴾
وكم من فتاة ضيعت شبابها.. وفضحت أهلها.. أو قتلت نفسها بسبب ما تسميه العشق.. وكم من فتى أشغل أيامه وساعاته.. وأضاع أنفاس حياته.. فيما يسميه العشق.. ونحن في زمن كثرت فيه المغريات.. وتنوعت الشهوات..
وترك المفسدون في قنواتهم ومجلاتهم.. مخاطبة العقول والأفهام.. ولجئوا إلى مخاطبة الغرائز وإثارة الحرام.. فأصبح الشباب والفتيات حيارى.. بين مجلات تغري.. وشهوات تسري.. وقنوات تعري.. وأفلام تزين وتجرئ .
ودواء ذلك كله الصحبة الصالحة.. وغض البصر.. والنكاح الحلال.. وملء وقت الفراغ بما ينفع.. ولا شك أن الرفاهية الزائدة.. ونقص الإيمان تجرّ إلى هذه التوافه..
جعلنا الله ةاياكم من من يستمعون القول فيتبعون احسنه
اللهم اجعل اعمالنا خالصة لوجهك الكريم اللهم تقب منا انك انت السميع العليم
اللهم انفعني به وقارئه والناظر فيه وارزقنا جزيل الثواب
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا وأصحاب الحقوق علينا
وللمؤمنين يوم يقوم الحساب .
اللهم اجعل لنا من أعمالنا ذخيرة ، يوم تجد كل نفس ما
عملت من خير محضرا ، نحوز بها رضاك .
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
منقول من درس لفضيلة الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي